مجلة الفنون المسرحية
شخصية خجولة تتحرر من قيودها بلغة الجسد والكلمة على خشبة المسرح، رضعت أولى لبنات الفن الرابع وهي في عز شبابها، لا تأبه من أن تأخذ نصوصا عالمية لهوميروس وشكسبير وغوته لتسقطها على الواقع الإماراتي والعربي على العموم. هو المسرحي الإماراتي عيسى كايد، الذي اختير كشخصية العام لمهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة بالشارقة الذي تتواصل فعالياته لغاية الثلاثاء. بورتريه
عمر حياته المسرحية أكثر من ثلاث عقود، يحمل بداخله هواجس جيل من المسرحيين الإماراتيين الذين يريدون إقحام الإمارات في ساحة لاتزال متأخرة فيها على غرار الكثير من دول منطقة الخليج، يرسمون صورة عنهم بعيدة عما ارتبطت بهم في عين الغرب.
من مدينة صحراوية صغيرة (كلباء) تسكن إمارة كبيرة (الشارقة) يعمل على بناء حجر الأساس لفن مسرحي يتحدث اللهجة الإماراتية ليسوقه للخارج، من خلال إسقاط نصوص عالمية لعمالقة أمثال شكسبير وغوته في قالب خليجي وبلهجة محلية، ما أكسبه شعبية كبيرة داخل بلاده.
بعيدا عن التقاليد التي قد تحكم الكثير من الفنون في المنطقة، يضع عيسى كايد بكل تلقائية على خشبة المسرح قضايا تشغل الشارع العربي والمجتمع الإماراتي بسكانه ووافديه، ومن دون أن يحبس نفسه بزمن الماضي، يربط أعماله المسرحية باللحظة الحاضرة.
"من "صمت القبور" يستحضر "الثالث
من "صمت القبور"، و"مراديه"، جاء بـ"الثالث" مؤكدا "بعدكم ما شفتو شي"، في مزيج من الأعمال التي تقيد في بعضها بضوابط اللغة العربية الفصحى، ليتراخى في أخرى للحديث باللهجة المحلية، لأنه يعتبر "المسرح العربي لا يجب أن يتكلم لغة واحدة، فاللهجة المحلية إبداع وفن أكثر من أنها عائق، رغم أن العربية الفصحى تبقى أقوى من العاميات وتجبر الفنان على يكون بارعا في أدائه".
عن التساؤل الدائم في المسرح العربي بخصوص الفرق بين الهاوي والمحترف، الأمر الذي حسم في الدول الغربية، يقول كايد إنه " يبقى التساؤل موضوع خلاف دائم، فقد ننجذب أن نقول كلنا هواة في المسرح، وهذا شيء جيد، ولكن في نفس الوقت هنالك من المسرحيين العرب الذين قدموا الكثير من ناحية البحث والتكوين ولا ننصفهم إن قلنا بأنهم هواة، لذلك من الأفضل أن نصنفهم ضمن فئة المحترفين".
وعلى غرار باقي الفنون الأخرى، وصل صدى التغيرات والأحداث التي عرفها العالم العربي في العشرية الأخيرة إلى المسرح، وذلك من خلال اختيار النصوص المسرحية وطريقة معالجتها، وحتى أداء الممثلين "فالمسرح دائما مع المتغيرات الموجودة، سواء العالمية أو العربية أو المحلية، ولكن تبقى في النهاية القضية هي مناقشة موضوع إبداعي فني وليس النقاش من أجل النقاش، فهذه الأحداث لم تغير جوهر المسرح ورسالته الدائمة بقدر ما غيرت القالب الذي صار يقدم عليه، لأن الإبداع أكبر من أن تخوض أشياء أخرى تبعدك عن خطك في الموضوع".
ويستشهد كايد في ذلك بالصورة والتقنيات الحديثة التي صارت لغة مسرحية جديدة جاءت لغرض جمالي، ولما تضيفه من أهمية في العرض المسرحي، فهي لم تقتل الروح الحقيقية للمسرح التقليدي، بل على العكس هي ساهمت في ظهور عمل متكامل.
--------------------------------------------
المصدر : مليكة كركود - فرانس 24
0 تعليقات