مجلة الفنون المسرحية
-------------------------------------------
المصدر : جريدة المغرب
ليلى بورقعة
في تلاعب بالألوان و«عبث» بالبروتوكولات المعتادة، خالفت الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية الأبجديات المتعارف عليها في حفلات الافتتاح فاستبدلت السجاد الأحمر بسجاد أزرق، ربما عملا بقاعدة «خالف تعرف» أو تطيّرا من لعنة السجادة الحمراء وما فعلته
بضيفات مهرجان أيام قرطاج السينمائية منذ أيام! المهم أن حفل الافتتاح ،عموما، بدأ وانتهى بسلام دون السقوط في مطبّات سوء التحضير ودون الوقوع في ثغرات تنظيمية من شأنها أن تسئ للمهرجان في عيون الضيوف وبلدان الجوار...
على أنغام النشيد الوطني كان الافتتاح الرسمي للدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية مساء الجمعة 18 نوفمبر الجاري في حدود الساعة السادسة مساء بقاعة الكوليزي بالعاصمة، لترتفع بعدها الهتافات داخل القاعة مرددة بصوت واحد: «جي تي سي متاعنا» تعبيرا عن التضامن العضوي الذي أعلنه المسرحيون فيما بينهم لإنجاح عرسهم المسرحي وتشريف راية تونس...
تحيّة إلى روح مؤسس المهرجان منصف السويسي
في تحيّة عرفان ولمسة وفاء إلى روح مؤسس مهرجان أيام قرطاج المسرحية منصف السويسي، كانت البداية في سهرة الافتتاح مع بث فيلم وثائقي قصير يلخص مسيرة الفنان الكبير على امتداد نصف قرن أو أكثر من العطاء، من الإبداع، من التأسيس...
وإن فجعت تونس بفقدان واحد من أهم أعلام مسرحها أياما قليلة قبل انطلاق الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية، فقد تم الاجتهاد قدر الإمكان وفي حدود المتاح في تعداد مناقب رجل مسرح من الطراز الرفيع وإحصاء المشاريع المسرحية التي أسسها الراحل على امتداد 50 سنة من النشاط الغزير ... حيث أتى هذا الفيلم الوثائقي في وقت وجيز على مسيرة منصف السويسي التي كان عنوانها البحث عن التجديد وحب الاكتشاف والرغبة في التأسيس ...فما بين تجربة وتجربة، وما بين حلم وحلم ... بقي طموح منصف السويسي مسافرا على أجنحة المغامرة الجريئة والإرادة القوية في ترك الأثر ...فرحل الرجل وبقيت أيام قرطاج المسرحية شاهدة على ذكرى منصف السويسي.
عبر رحلة من الصور والذكريات... كانت العودة على أبرز محطات الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية التي أشرف على دورتها كذلك مدير الدورة الحالية الدكتور الأسعد الجموسي .
توفيق الجبالي و»التياترو» ... وموقف رافض للتكريم
شاءت الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية ألاّ تفوّت مناسبة افتتاح الدورة 18 من المهرجان دون الاحتفاء بفضاء «التياترو» تزامنا مع احتفاله بثلاثينية تأسيسه... وبعد بث فقرة مصوّرة عن مكاسب وانجازات فضاء «التياترو» على امتداد 30 سنة من المسرح والحياة و3 عقود من التكوين المسرحي والتجديد الفنّي ... تمّت دعوة مؤسس هذا الفضاء الثقافي توفيق الجبالي لإلقاء كلمة بالمناسبة.
وفي صعوده على منّصة افتتاح المهرجان، تكلّم المسرحي توفيق الجبالي فكان كلامه جريئا وحاسما وموقفه من التكريمات حاسما وصريحا ... وفي ما يلي كلمته كاملة بكل ما تضمنته من جدّ ساخر وهزل جاد : «أرجوكم - في يوم آخر- ألاّ تقفوا دقيقة صمت ترحما على روحي وألاّ تعرضوا فيلما عن مسيرتي الفنية من أجل مشاكل أقلّ و»تنغيص» أقل ّ ... طُلب منّي أن ألقي كلمة وفي الحقيقة لا كلمة لي... منذ حوالي 10 سنين اقترح علينا تكريم التياترو فرفضنا لأننا اعتقدنا أنه بقبولنا التكريم وكأننا نمنح شهادة شكر للأجهزة الثقافية إن صح التعبير... وبعد 10 سنوات طرحت من جديد مسألة تكريم التياترو فقبلنا، ولا نعلم لماذا رغم أنه لا شيء تغير منذ ذلك الوقت؟ لا نعرف لماذا قبلنا؟ هل تراه الخوف قد اعترانا من أن يعاودوا شتمنا مرة أخرى؟ هل هي «ماخذة بالخاطر أم هربا من تدريع الخواطر»؟ المهم بما أنها حالة ميئوس منها قبلنا هذه الدعوة. إننا لسنا بحاجة أن تعطينا الأجهزة الثقافية مسبّبات عيشنا و تعميق مستوى تفكيرنا واستمرارنا... ولأن هذا التكريم لا يمسني أنا شخصيا - وإلاّ لما كنت قبلت – فإني أهدي هذا التكريم إلى أسرة التياترو بمن فيها من تقنيين وإداريين ومسرحيين من مختلف الأجيال، إلى النقاد والصحافيين، إلى الجمهور، إلى البلدان العربية والإسلامية إن شئتم...»
تكريم للشاعر «أولاد أحمد» في مهرجان المسرح
«هل من الممكن أن ننسى - ولو في حفل افتتاح مسرحي- حلما وروحا وصوتا وجرأة وآفاقا مستحيلة ككلمات الصغير أولاد أحمد...» هكذا تحدث منشط السهرة المسرحي رجاء فرحات عن تخصيص فقرة من فقرات حفل الافتتاح لتحية روح الشاعر الراحل الصغير أولاد أحمد . وقد جاءت هذه التحية في شكل قراءات شعرية لقصائد صاحب «نحب البلاد» من أداء ثلاث مسرحيات تونسيات هنّ : زهيرة بن عمار وخديجة البكوش وسنية زرق عيونه.
أما الإعلان الرسمي عن افتتاح الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية فجاء مرتجلا ومقتضبا على لسان مدير الدورة الأسعد الجموسي الذي اعتلى الركح وسط هتاف الحاضرين في القاعة بشعار «جي تي سي متاعنا» ليقول :»أيام قرطاج المسرحية انطلقت ...لتبدأ الاحتفالات ولتفتح المسارح في جميع ربوع تونس الجميلة...»
هوامش وطرائف من حفل الافتتاح:
• تراوحت الفواصل الموسيقية مابين الإبداعات التونسية والإفريقية حيث كان لجمهور حفل الافتتاح فسحة من المعزوفات الموسيقية واللوحات الراقصة من أداء كريم توايمة ونسرين الشعبوني من تونس. أما من إفريقيا فكان الموعد مع فرقة الفنانة الكاميرونية «ويري ويري ليكنغ» المشهورة بلقب»الملكة الأم» وقد سافر مدير الدورة الأسعد الجموسي لاستدعائها شخصيا لحضور المهرجان.
• تم إسناد مهمة تنشيط حفل افتتاح أيام قرطاج المسرحية إلى أهل المسرح، حيث التقى على الركح كل من الفنانة شاكرة رماح والفنان رجاء فرحات الذي لم ينزع عنه قبّعة المسرحي في تقديم فقرات الحفل فأنقذ المناسبة من الكلمات الخشبية و»الكليشيهات» المعتادة ليضفي شيئا من الطرافة على الأجواء...
• تميّز حفل الافتتاح داخل قاعة الكوليزي بشيء من الاحتفال الباهت ... حيث كان بالإمكان تقديم أفضل مما كان !
• عند تكريم فضاء «التياترو» في شخص توفيق الجبالي، كان التساؤل :»أين التكريم؟» بمعنى أين الأوسمة والشهادات والورود ...التي لم تعبر من الكواليس إلى الركح مطلقا ! فكان مجرد تكريم على الهواء دون أثر ملموس أو تذكار باق ! ؟
المصدر : جريدة المغرب
0 تعليقات