اليوم العالمي للمسرح وقيمتة المؤثرة في المجتع الأنساني / محسن النصار

أناتولي فاسيلييف ممثل ومخرج مسرحي روسي

هذا اليوم الأحد  27 مارس 2016 اليوم العالمي للمسرح حيث يعتبر المسرح واحداً من أشكال الفنون المؤثرة في الذاكرة الجمعية للمجتع الأنساني ، ومكاناً للرقي الجمالي والمعرفي لفنون الأداء للأداء التمثيلي ، أي  أنّه المكان الّذي يجسّد أو يترجم المشاعر والأحاسيس الأنسانية  بمزيج من الكلمات، و الإيماءات والموسيقى والأزياء والديكور والصّوت بسينوغرافيا تجعل المتلقي يرتفع في تفكيرة وعقله نحو القيم السامية ...
،  فالمتأمل في تاريخ المسرح  نجد في ارثه المسرحي العالمي   القيم الإنسانية الرفيعة،  قيم أكدت  حقيقتها وأهدافها، واثبتت  صورتها ومعالمها، وأنتشر معناها وجوهرها، وجنيت  ثمارها، وتذوقها الحقيقي لقيم المسرح كقيمة لها تأثير كبير في الفكر الأنساني . فكلما يسمع  سمعك أويبصر  بصرك أو  فكرك تجد مسرحيات مؤلفة وعروض ومهرجانات مسرحية  تقام في  كل عام باليوم العالمي للمسرح تتغنى بالمسرح ، وتدعو إلى الإخاء الإنساني والعيش المشترك. ومن جانب اخر تؤكد على عالمنا المعاصر في  قلقلقه  واكتئابه وإدمانه ، وتنافراه واضطرابه وانفراطه ؟، وأين مضمونه الحقيقي وشواهده وثماره في حياة المجتمع والأنساني ؟.
فنحن المسرحيون  نفرح  بثمار وآثار المسرح  فهذا اليوم العالمي للمسرح  يشكل علامة بارزة تغمر قيمته الحقيقية، ومضمونه الفعال الواقع المسرحي العالمي  فيسمو به نحو غايات سامية وأهداف نبيلة
 فالعروض المسرحية تتكاثر والمهرجانات والندوات تتنوع  وتلقى فيها   رسالة اليوم العالمي للمسرح وتترجم إلى أكثر من عشرين لغة وتقرأ أمام عشرات الآلاف من المشاهدين قبل بدء العروض المسرحية في جميع أنحاء العالم، وتنشر في آلاف  الصحف اليومية في وسائل الإعلام السمعية والبصرية  تمجيدا لليوم العالمي للمسرح ، فأكثر  القنوات الفضائية ومحطات  الأرسال الإذاعي والتلفزيوني تنقل رسالة اليوم العالمي للمسرح للمشاهدين والمستمعين في جميع أنحاء العالم   ويعتبر  اليوم  العالمي للمسرح هو مناسبة للفانيين  في فنون  المسرح للاحتفال بهذا  المناسبة ليشاركوا الجمهور المسرحي  في تكوين فكرة ونظرة طيبة  عن فن المسرح  وعن قدرة الفن لمسرحي المساهمة في خلق التفاهم والسلام بين افراد المجتمع الأنساني 

كل التحية والحب  لكل المسرحيين  وخاصة الرواد الذين وضعوا الأساس  ، وشكرا  للمسرحي البناني د. هشام زين الدين الذي قام بترجمة سيرة الممثل  والمخرج المسرحي الروسي أناتولي فاسيلييف وقد جاء في ترجمته عن الروسية :

"أناتولي فاسيلييف ممثل ومخرج مسرحي روسي ولد عام 6/11/1946 في مدينة “تاغيل السفلى” الروسية، في شبابه المبكر كان موسيقياً قام بإحياء العديد من الحفلات والسهرات الموسيقية والغنائية عازفاً على آلة الغيتار، وكان يغني أغاني الفرقة العالمية “البيتلز” (beatles) خلال فترة الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفياتي. بعد إنهاء دراسته المتوسطة التحق بمعهد تقني ثم درس الكيمياء في جامعة روستوف الحكومية وتخرج منها عام 1969، لكنه سرعان ما بدّل اختياره لمهنة المستقبل وقرر مغادرة مدينته إلى موسكو لكي يدرس التمثيل، والتحق بأهم أكاديمية مسرحية في الاتحاد السوفياتي آنذاك هي “أكاديمية موسكو للفنون المسرحية” (GITIS) لكي يدرس فن التمثيل على أيدي أهم فناني المسرح في روسيا وتخرج منها عام 1973. بعد تخرجه عمل كمخرج في مسرح “ساتيري” المعروف وفي “مسرح الفن” الشهير في موسكو، ثم انتقل عام 1974 للعمل في “مسرح الجيش السوفياتي” العريق، ولمع اسمه كممثل شاب كونه كان يتمتع بحضور قوي تميّز برجوليته الجذابة وبصوته الجميل في الغناء والاداء التمثيلي. وتابع عمله في التمثيل بين المسرح والسينما فعمل في “مسرح ستانسلافسكي” حتى عام 1982 عندما قرر تركه مع مجموعة من الممثلين، وفي العام 1985 تلقى دعوة من المخرج السوفياتي الكبير يوري لوبيموف للعمل كمخرج في مسرح “تاغانغا” الشهير حيث حصل على لقب أفضل مخرج خلال الموسم المسرحي 1985-1986، في العام 1987 يقوم اناتولي فاسيلييف مع مجموعة من رفاقه الممثلين الذين خرجوا معه من مسرح ستانسلافسكي بتأسيس مسرحه الخاص القائم على التجريب والبحث المسرحي والذي سماه “مدرسة فن الدراما”، وفي هذا المسرح انتج أعمالاً مسرحية جال فيها على مسارح العالم في برلين وروما وباريس وبروكسل وبلغراد وبودابست وهلسنكي ولندن وميونخ وغيرها من المدن الاوروبية، كما حصل على وسام ستانسلافسكي عام 1988 عن اعماله المسرحية، وفي العام 1989 حصل على وسام من رتبة فارس في مجال الادب والفن من الحكومة الفرنسية، في العام 1995 تلقى دعوة للعمل في مسرح “موس سوفيات” الشهير في موسكو الذي قدم للمسرح أهم الاعمال المسرحية وعمل فيه أبرز المخرجين والممثلين الروس. أخرج للمسرح السوفياتي والروسي اكثر من خمسة عشر عملا مسرحياً على خشبات اهم المسارح الروسية، وفي الخارج قام باخراج تسعة اعمال مسرحية بدءًا من العام 1992 وحتى العام 2016، وفي السينما عمل أناتولي فاسيلييف كممثل في أكثر من خمسين فيلماً سينمائياً، كان أهمها دوره في فيلم درامي بعنوان “الفريق” ( L’Equipage) الذي نال عليه أهم الجوائز السينمائية. بين العامين 2005 و2006 تعرض اناتولي فاسيلييف لتضييق الخناق عليه إدارياً من قبل السلطات الادارية في بلدية موسكو حيث صدر قرار عن رئيس بلدية موسكو يمنع فاسيلييف من إدارة المكان الذي يشغله كمركز لمؤسسته المسرحية “مدرسة الفن الدرامي” وتحويله إلى إدارة أخرى وبذلك تم عزله وحرمانه من متابعة العمل في مشروعه المسرحي فما كان منه إلا أن غادر بلاده ليستقر في باريس بشكل نهائي. في السنوات الأخيرة اتجه اناتولي فاسيلييف للعمل البحثي والأكاديمي وجال في المدن والجامعات ومراكز الابحاث الاوروبية المتخصصة بالفن المسرحي حيث أقام العديد من المحاضرات وورش العمل البحثية كان أهمها عمله في “معهد غروتوفسكي” في بولونيا، وفي برنامج البحث والتدريب المسرحي للدول الاوروبية في فينيسيا – ايطاليا. وبعد سنوات طويلة من التمثيل والاخراج والبحث والمحاضرات في روسيا وأوروبا يعود المسرحي الكبير في العام 2016 الحالي الى الاخراج في عمل من إنتاج مسرح “الكوميدي فرانسيز” في باريس بعنوان” La Musica Deuxieme” (الموسيقى الثانية). خلال مسيرته المسرحية والفنية حصد اناتولي فاسيلييف العديد من الجوائز والتقديرات في البلدان الأوروبية كما في بلده، كان أهمها حصوله مع المخرج الروسي الكبير إيغور بوبوف على أرفع وسام روسي يمنح للفنانين والمبدعين في روسيا هو الوسام الوطني الاكبر في الفن والادب" 

 وكل التقدير  للمركز المصري للمعهد الدولي للمسرح  بترجمتة رسالة المسرح العالمي الى العربية وقام بنقلها عن النسخة الإنجليزية : د. حازم عزمي من مصر.
وفي رسالته في يوم المسرح العالمي  يقول المخرج والممثل أناتولي فاسيلييف :

"أو حقا نحتاج المسرح؟
سؤال لطالما سأله لأنفسهم الآلاف من ممارسي المسرح وقد اعتراهم الإحباط، في حين يطرح السؤال ذاته ملايين البشر العاديين وقد أدركهم الملل.
وفيم حاجتنا إليه؟
فيم حاجتنا إلى المسرح وفنونه في أوقات كهذه، بينما تتضاءل أهميته أمام ساحات الميادين وأراضي الدول، والتي بدورها صارت مسرحا تجري عليه تراجيديات حقة من صلب واقعنا المعاش؟
وما المسرح بالنسبة لنا؟
أتراه يعني في نظرنا تلك المقصورات والشرفات المذهبة، والمقاعد الوثيرة مخملية الملمس، وكواليس المسرح المتسخة، وأصوات الممثلين التي يعتورها الإرهاق؟ أم أنه على العكس من ذلك كله شئ جد مختلف: محض صناديق سوداء يعلوها الطين وتلطخها بقع الدماء، وبداخلها كومة من الأجساد المكشوفة الممسوسة بنزق الجنون.
عن أي شئ يحدثنا المسرح؟
أقول: كل شيء
فبمقدور المسرح أن يخبرنا عن كافة الأشياء
فهو الذي يقص علينا أخبار الآلهة في علاها السماوي، و أخبار المساجين الذين يذوون في بطء داخل كهوف منسية تحت الأرض، وهو الذي يخبرنا عن عاطفة تسمو بالبشر وترتقي، أو عشق يورد أصحابه مورد الندم والأذى، وقد يرينا عالما لا يجد الأخيار لهم فيه مكانا، أو يكشف واقعا يسود فيه الخداع ويبسط الزيف سلطانه. وقد يخبرنا عمن يحيون داخل بيوتهم في دعة وأمان، بينما الأطفال بوجوه ذابلة في مخيمات اللاجئين يغالبون جوعهم ويعانون شظف العيش، وهو الذي يؤكد أن الجميع عائدون لا محالة إلى الصحراء القاحلة، وأننا مع مجيء كل يوم مجبرون على مفارقة بعض من نحب …نعم! بمقدور المسرح أن يحدثنا عن كافة الأمور والأشياء.
والآن، فقد تنامت الحاجة إلى المسرح خلال الخمسين أو السبعين عاما الأخيرة على وجه الخصوص، فلو انك نظرت إلى الفنون الجماهيرية في مجملها فستدرك على الفور ان المسرح — وحده — هو القادر على إحداث ذلك التواصل الحميمي المباشر : تلك الكلمة التي تمضي مباشرة من فم إلى فم آخر، أو نظرة من عين لعين أو إيماءة من يد ليد ومن جسد لجسد. فالمسرح لا يحتاج إلى وسيط كي يفعل مفعوله بين البشر بل هو بمثابة الجانب الأكثر شفافية من الضوء: وهو في هذا لا ينتمي إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق أو الغرب فما هو إلا جوهر النور نفسه، يشع علينا من أركان العالم الأربعة فيتعرف عليه الجميع من فورهم سواء أكانوا ممن يحبون المسرح أم ممن يعادونه.
أقول إننا نحتاج المسرح القادر على أن يظل مختلفا بل وأيضا نحتاج أنواعا مختلفة ومتنوعة من المسرح.
وعلى الرغم من هذا يخيل لي انه من بين جميع أشكال المسرح وأنواعه يظل احتياجنا للأنواع القديمة المهجورة الاحتياج الأكثر إلحاحا على الإطلاق. إذ لا أجد نفعا يرجى من وضع المسرح المرتكز على أشكال طقسية في تناقض زائف مع مسرح الأمم ” المتحضرة”. فقد أصاب الوهن الثقافات الدنيوية وأخذت قدرتها على الفعل تضعف يوما بعد يوم وحل ما يسمى ب”المعلومات الثقافية” محل الأشكال البسيطة والأولية للوجود مزيحا إياها عن مكانها فإذا بها اليوم وقد بدت أبعد منالا من أن نجدد صلتنا بها.
ولكني أرى الأمر الآن بجلاء تام: فها هو المسرح يفتح أبوابه علي مصراعيها معلنا ان الدخول مجاني للجميع.
فلتذهب كل الأجهزة الالكترونية والحواسب إلى الجحيم! اذهبوا إلى المسرح واتخذوا أماكنكم في الصفوف الأمامية وفي الشرفات وارهفوا السمع لكل كلمة تنطق علي مسامعكم وتـأملوا مليا كل مشهد حي يتجسد أمامكم! هاهو المسرح أمامكم فلا تتركوه نهبا للنسيان، ولا تتركوا فرصة تمضي دون أن تتشاركوا فيه… فلعلها تكون الفرصة الأثمن والأندر في خضم حيواتنا اللاهثة الخاوية من المعنى.
نعم نحن في حاجة إلى المسرح بكل أنواعه وأشكاله …
نوع واحد فقط من المسرح لا يحتاجه إنسان، ألا وهو مسرح السياسة وألاعيبها، مسرح مصائد الفئران السياسية، مسرح محترفي السياسة ومشاغلهم العقيمة غير المجدية.
إن مسرح الإرهاب اليومي ليس مما نحتاجه بكل تأكيد. جماعيا كان هذا الإرهاب أم فرديا. لسنا بحاجة إلى مسرح الدماء والجثث الملقاة في الشوارع والميادين وفي العواصم والأقاليم. فياله من مسرح مزيف قوامه الصراع الكاذب بين الأديان والعرقيات!"

محسن النصار 
مسرحي من العراق 

إرسال تعليق

0 تعليقات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الأضواء المسرحية 2016

موقع الفنان والكاتب المسرحي محسن النصار

الاتصال بهيئة التحرير

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأخبار المسرحية

الترجمة Translate

المشاركة في المواقع الأجتماعية

من مواضيعنا المتميزة