كتابات مسرحية
تعتبر مسرحية "ريتشارد الثالث " من تأليف محفوظ غزال وإخراج جعفر القاسمي لفرقة إنتراكت برودكشن من تونس من العروض المتميزة في مهرجان المسرح العربي السادس 2014 الشارقة والتي حققت الفوز بالجائزة الأولى لأفضل عمل مسرحي عربي فقد أدخلنا العرض المسرحي بسيميائية معاصرة اعتمدت ابعادا جمالية من خلال الشفرات والأشارات والدلالات البصرية والرموز في بناء آلية التشكل من خلال سينغرافيا متجانسة اعتمدت الفضاء المؤثر بواسطة الدلالات الضوئية كأعتماد الضوء كسيف يتم الأستعان به في الحروب .و السيميائية في العرض اعتمدت مفهوم الثابت والمتحول من خلال رسم فضاءات يتداخل ويتوالد فيها عنصري الدال والمدلول فضلا عن الحوار كخطاب علاماتي يقوم على اساس انه بنية وهيكل يحكمها نسق من العناصر والعلامات المؤسسة لعناصر العرض المسرحي كافة والمتمثله في الأداء التمثيلي المتقن من قبل الممثلين الرائعين وفي الديكور والاضاءة والموسيقى والأزياء المسرحة والماكياج وكذلك التلوين في التكنيك الحركي والتأكيد على التوازن والايقاع والخط واللون والكتلة والتدفق الحركي الجميل والمدهش ، فالجمهور المسرحي تأثر في العرض المسرحي من خلال عنصرين هما الظاهري والداخلي ، فالظاهري هو ما يدخل في نطاق المشاعر و الأحساسيس كالايقاع النفسي والحس البصري كاللون والتوازن والخط والكتلة ، والداخل هو حركة العناصر داخل فضاء العرض فحين تتحرك تلك العناصر ما يعني منحها الحياة ، اذ تعامل معها المخرج وفق المعاني التي تكمن وراء تلك الحركة التي تشكل نسق من العلامات او الاشارات ومن ثم يقوم العرض بتحليلها على اساس اجرائي ينبثق من رؤية جديدة ، فضلا عن كون العرض المسرحي فعل سيميائي عبارة عن دال يؤدي الى مدلول متعدد الاتجاهات ، فالدال قد يؤدي الى اكثر من مدلول او قد ينفي الدلاله الواقعية ويغادرها بناءا على قدرة العلامه على التحول من ثباتها للمفهوم والمألوف ، واعتماد المخرج على الشفرة وهو ما يشكل احدى معطياته الاساسيه بناء تكنيل عرض مسرحي جميل الى جانب ربط العرض المسرحي بالربيع العربي والتغير احاصل في الوطن العربي من خلال التاكيد على تسمية المسرحية بريتشارد الثالث بوصفة دكتاتورية وانتهازية وتفرد في السلطة والقسوة ,الخصبة بالعلامات الدالة اتي تحتوي على علامات موشفرة وعلامات غير موشفرة ، والاثنان يتواصلان بتقديم علاقة ذهنية وصورية مؤثرة في الجمهور المسرحي لأثارة الشفرات في العرض وعلامات على اساس وفق ذهنية فكرية وجمالية تستقي من العرض وتقوم بتحليله ولذلك يدخل الجمهور المسرحي عبر العلامة السيميائية الى الحصول على مجموعة من الشفرات والرموز ، وهذا ما يدعو للقول في ان المسرحية التي قام بكتابتها وليم شكسبير اوحت بصياغة جديدة للمؤلف محفوظ غزال من خلال دال ومدلول جعل العرض المسرحي جديدا سواء كان ثابتا ام متحولا ، ولكن لفعل التحول والثبات اجواء نجح في ابرازها المخرج جعفر قاسمي ، من خلال فضاء مسرحي خلق الانتباه الى الجوانب الدلالية التي تحتويها الصورة المسرحيه في العرض المسرحي من خلال السينوغرافيا التي كانت في تناسق بين التركيب الحركي و ثنائية الحوار , والضوء والأزياء والأكسسسوارات والأزياء والموسيقى مرتبطة بثنائية المحور التوقيتي الثابت والزمن المتطور مع ثنائية النموذج السياقي والقياسي و ثنائية الصوت والمعنى لتأكيد العلامة المسرحية ل"ريتشارد الثالث" التي قام بتأكيدها المؤلف والمخرج وهو محاولة الأسقاط نحو مايدور من ثورات في المجتمعات العربية التي عانت من العذابات والكبت في جميع مفاصل الحياة ، لذلك جاء العرض المسرحي بعيدا عن النص المسرحي الشكسبيري الأصلي، لذلك خلق حالة تماثل الواقع المعاش في الوطن العربي، وفق رؤية ملموسة ومحسوسة ومرئية ومسموعة كلها تنتج معنىً بتاثيرها وتأثرها بالجمهور المسرحي من خلال خلق قدراً من الإشارات والرموز التي تشبه الرسالة التاكيدية التي تحذر من ظهور ريتشارد جديد ، وبهذا يبرز عاملين مهمين هما (المشير والمشار اليه ) ، ويأتي دور - الإشارة - للريط بين هذين المستويين . وهكذا الحال بالنسبة للعرض الثابت والعرض المتحول ، أي العرض الذي يعمل على أساس تحول العلامات المسرحية من حالة الى أخرى وبكافة مستويات العرض المسرحي الذي حقق الأنبهار والدهشة المؤثرة في العرض المسرحي والتي كانت معبرة عن ثابت ومتحول ودال ومدلول وعلامات وشفرات في عناصره السمعية والبصرية والحركية .
0 تعليقات