مسرحية"خيل تايهة" وتقنية المسرح داخل مسرح / محسن النصار



عرضت مسرحية"خيل تايهة" لمسرح نعم من فلسطين، في مهرجان المسرح العربي في دورته السابعة، التي احتضنتها الرباط من 10 إلى 16 يناير 2015، والمسرحية  كانت من  العروض المتنافسة على جائزة الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي وقد فازت بالجائزة والمسرحية من تأليف الكاتب السوري عدنان العودة وإخراج إيهاب زاهدة 
وكان االعرض المسرحي  رحلة مشوقة ومشاهد سحرية في ذهاب تايهة الطفلة البدوية الصغيرة لتستعير المشط لامها من بيت الجيران لتهب عاصفة الغبار لتاخذ هذه الطفلة في رحلة واقعية مؤثرة حاملة معها الكثير من الافكار والمضامين الفلسفية والحكايات وقد جاء النص المسرحي جماليا ليجعلنا امام فضاء مرح تخلله الغناء والرقص فأضافت بعداً رمزياً وتعبيرياُ وكان اداء الممثلين متقناً اداءاً وصوتاً  وتم ابراز العواطف وجمالية الاحساس في الاداء . أما التشكيل الحركي لم يكن  موزعاً بشكل ذكي , وأما الديكور والاكسسوارات اعطى تدفقاً قوياً في إبراز شكل العرض المسرحي،  نحو متعة حقيقية أحس بها الجمهور، وهناك الشكل الجميل الذي يحسب للمخرج من خلال ادخاله تقنية المسرح داخل المسرح وهذه التقنية قديمة وقد ادخلها المسرحي  الأيطالي " لويجي براندللو 1867-1936" في مسرحياته و يعتبر من أهم  المسرحين الإيطاليين الكبار الذين جمعوا بين الكوميديا المرتجلة وتقنية المسرح داخل المسرح، وكانت من أهم مؤلفاته المسرحية: "ست شخصيات تبحث عن مؤلف"، و"الليلة نرتجل"، و"لكل شيخ طريقته وكانت  مسرحياته تؤكد على شئ من  الحقيقة واختلاط الواقع بالوهم.
 واما تقنية المسرح داخل المسرح، في عرض مسرحية " خيل تايهه " اضافة لمسة وقوة للعرض المسرحي حيث  قام المخرج  يمسرحة  الأحداث والواقع في آن معا. ومن هنا، فقد جزأ مسرحيته إلى مستويين: مستوى الواقع ومستوى التمسرح. والممثلين في العرض المسرحي  اتقنوا أسرار اللعبة الدرامية وكشف تقنيات تقمص الشخصية , وفي نفس الوقت يمسرح الممثلون الواقع الحقيقي الذي يعيشونه .
وأنطلق المخرج في رؤيته الأخراجية  من خلال الولوج نحو دغدغة عواطف ومشاعر المتلقي بالغناء الجميل والمؤثر  من خلال تكسير "الحدود المعروفة للحبكة السردية التقليدية مستخدما أسلوب الغناء  الجديد و تركيب الفعل المسرحي . وهذا التكنيك الأخراجي  نشأ من الخلط بين بعض المشاهد المسرحية وبعض الأحداث الواقعية بحيث تبدو المشاهد المسرحية وكأنها الواقع والأحداث الواقعية وكأنها مجرد مشاهد من الحياة اليومية ،  وعند ادخال تقنية المسرح داخل مسرح حاول   فضح  الواقع على مستويات متغيرة قد بدأها العرض المسرحي منذ البداية حيث  يوحي لنا الديكور ولأكسسسوارات والأضاءة والموسيقى الحية    التي  سمحت للممثلين  بتمثيل أو تحقيق حياتهم على المسرح في صورة درامية حيث  نجد هنا ان  المتلقي  نفسه وقد تجلت وتحللت أمامه فكرة الممثل وفكرة الشخصية المسرحية إلى العديد من المستويات المتصارعة  في العرض المسرحي وتفسير الرؤية الأخرجية الدرامية بحيث كل العناصر في العرض المسرحي جعلها المخرج ليركزها  ويعطيها الدلالة لتأكيد افكارة بمضمون فلسفي يرتبط بعنوان المسرحية  "خيل تايهه ".
و قد تميزت مسرحية " خيل تايهه " بأدخال المؤثرات الموسيقية الحية من خلال العزف المباشر والغناء ذات الصوت الجميل للممثلة  وإضافة إلى خلق قوة سحرية مبهرة في سينوغرافيا العرض المسرحي ,رغم وجود بعض الهفوات في العرض المسرحي  من ناحية التوزيع والتشكيل الحركي على خشبة المسرح .

إرسال تعليق

0 تعليقات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الأضواء المسرحية 2016

موقع الفنان والكاتب المسرحي محسن النصار

الاتصال بهيئة التحرير

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الأخبار المسرحية

الترجمة Translate

المشاركة في المواقع الأجتماعية

من مواضيعنا المتميزة