كتابات مسرحية
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المصدر :مهرجان القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي - المحور الفكري-المحور الثاني: كيف قال؟ التجريب وتثوير الأبنية الجمالية
د. أمنة الربيع (سلطنة عمان): الجمالية المسرحية والتجليات السياسية في المسرح العماني
تسعى هذه المداخلة إلى قراءة الجماليات المسرحية والتجليات السياسية في المسرح العماني عبر اقتراح تأسيسين
متلازمين، يتصل التأسيس الأول بإنطلاق دورة مهرجان المسرح العماني السادس في (نزوى) 2015 م
والكتابات المسرحية والاشتغالات الإخراجية لدى المسرحيين الشباب.
وإذا كان المهرجان في دورته قد شهد إقبالا كبيرا من المتفرجين، فقد تعزز ذلك الإقبال بإثارة القضايا المتصلة
بالشأنين المحلي والعربي، وهنا لاحظت أن التراكم المسرحي الجيد قد ولد أسئلته وتطوره على صعيد الكتابة
والتقانة والابتكار في أساليب لغة الإخراج، وكان للثورة العربية في تونس ومصر حافزا خصبا ليقدم الكتاب
مسرحياتهم المتسمة بالقلق والشعور بالخيبات من مآلات الربيع العربي. وأهدف من ذلك التأكيد على الصلة العضوية
بين إفرازات الثورات العربية (ثورة الياسمين في تونس وثورة 25 يناير في مصر) وبين تمظهرات الكتابة
والفرجة المسرحية ما بعد الملحمية، وتشديد مناداتها على حرية التعبير والصحافة والعدالة الاجتماعية في نتاج المسرح العماني.
وأما التأسيس الثاني فينطلق من محاولة لتأطير مفهوم الجماليات المسرحية وجذورها وتشعباتها، التي أرستها اجتهادات المشتغلين بالفكر الفلسفي والمعرفي عند الغرب وفي الشرق القديم. ومن نافلة القول، قولنا: إن الفنون تتطور بتطور العلوم وتغير المجتمعات. وفي هذا السياق، فإن الغرب الذي سبقنا إلى تقعيد علومه ومعارفه بوقت مبكر، جعلوا بذلك منطقة البحث في الجماليات المسرحية تنتقل من التوجهين الأساسيين: المعياري والوصفي إلى جماليات الإنتاج والتلقي، فإعارة الاهتمام للعلاقة بين الجمالية والدراماتورجيا.
ولأن المداخلة تتمظهر في إشكالية تتعلق بخصائص الكتابة المسرحية ومضامينها من جهة، ثم البحث في عناصر تثوير جماليات الأبنية المسرحية التقليدية في المسرح العماني، كان لا بد من تمثيل ذلك بعدد من المسرحيات، بها من حساسية الراهن السياسي والسؤال الفني السند الذي يجعلها صامدة للتحليل. فوقع اختياري على ثلاثة مسرحيات للكاتب المسرحي بدر الحمداني (فكرة، والعيد، والجحدول)، ومسرحية (قرن الجارية) للمخرج والكاتب المسرحي محمد خلفان الهنائي، ومسرحية (صحراء وقمر) للكاتبة وفاء الشامسية.
لقد عبرت المسرحيات عن توهج مرحلة سياسية عربية متأزمة، وانطلق الكتاب من مواقع ثقافية واجتماعية مختلفة، لكنهم يتحلقون في دائرة المعايشة والمساءلة لخطابات الديمقراطية التي عجزت الأنظمة السياسية عن ايصالها إلى بر الأمان. وينبغي الإشارة هنا، بالقول، أن الاهتمام بالشأن العربي السياسي بوجه عام، في المسرح العماني لم يكن وليد الثورات العربية الأخيرة، فتاريخيا، وبالعودة إلى مغامرة الفعل المسرحي في عمان يسجل للنادي الأهلي في سبعينيات القرن الماضي تفاعله مع الحركة المسرحية العربية، فتناول المؤسسون بالنادي مسرحيات ذات مضامين تاريخية، وأخلاقية، واجتماعية، وسياسية عربية تتصل بهموم الإنسان العربي وبمصيره التاريخي (توفيق الحكيم قدم له بوجه عام (12) مسرحية، وألفريد فرج (4) مسرحيات).
واستنادا على ذلك التفاعل نظرت في هذه المداخلة إلى تلكم المغامرة كخلفية (تأصيلية) لتكوين مسار ما عنونته ب (تركيب وتحرير) وعبر ذلك المسار توصلت إلى توفر عدد (7) ملامح لخصائص الكتابة المسرحية وفضاءات الجماليات الملحمية وما بعد الملحمية.
وأخيرا: إلى أي حد نجحنا في تثوير جماليات الأبنية المسرحية في المسرح العماني؟ إن محاولتنا المتواضعة التي قدمناها في هذه المداخلة إذ تنطلق من مسؤوليتها النقدية والثقافية والوطنية، تدرك أن المعطى السياسي في مجتمعات ما زالت تناقش أسئلة الحداثة هو المحرك الأوضح، ولا أقول الأقوى أو الأفضل. فكل منا كما يقول عز الدين بونيت: "كل منا يجبالدولة قبل أن يجر بالحرية". واتمنى، تكون الإجابة موفقة إلى حد معقول ..
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المصدر :مهرجان القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي - المحور الفكري-المحور الثاني: كيف قال؟ التجريب وتثوير الأبنية الجمالية
0 تعليقات